عيون صناعية تضاهي قدرة الحشرات على الإبصار
يمكن استخدامها في تطبيقات المركبات ذاتية القيادة ومساعدة الأجهزة متناهية الصغر على العمل في بيئة قاسية
بقلم هبه حسين بتاريخ 13 يناير 2019
تطلع العلماء إلى الاستفادة من فكرة العيون المركبة، التي تتمتع بها الحشرات والقشريات، والتي تتميز برؤية محيطية، أي رؤية الأشياء دون التركيز عليها مباشرة، كما تتمتع أيضًا بقدرة عالية على رصد الحركة. وتحظى الكائنات التي تتمتع بهذا النوع من العيون برؤية بصرية أكثر دقة.
وكانت المحاولات السابقة لتصنيع العيون المركبة تصطدم بعقبة التكلفة، وأحيانًا باحتوائها فقط على جزء من هذه المستقبلات البصرية ومكونات بحجم النانو تشبه العيون المركبة الطبيعية، وهو ما حاول الباحثون -في السابق- التغلُّب عليه من خلال استخدام الليزر وتقنيات النانوتكنولوجي لإنتاج عيون صناعية تشبه عيون الحشرات بكميات كبيرة، ولكن الهياكل المصنعة كانت تفتقر إلى وحدة الشكل، وعادةً ما كانت تنتج مشوهة، كما أنها لا تحقق إبصارًا جيدًا.
وفي دراسة نشرتها دورية 'إيه.سي.إس نانو' (ACS Nano)، استعرض فريق من الباحثين الصينيين إمكانية تصنيع هذه العيون المركبة بتكلفة بسيطة لاستخدامها في "المركبات ذاتية القيادة" و"الإنسان الآلي"؛ لمنحها القدرة على الإبصار، إضافة إلى إمكانية استخدامها في العديد من التطبيقات مثل أجهزة مقاومة التجمد، وأسطح بعض الأنظمة مثل الأجهزة المتناهية الصغر التي تعمل في بيئات قاسية.
ويتم تصنيع العيون المركبة، والتي تشبه "السجاد الشاج"، من مستقبلات بصرية متكررة ومستقلة صغيرة الحجم تسمى "العينية" (ommatidia)؛ إذ تتكون عيون الحشرات من عدد كبير جدًّا من "العينيات" وليس من عين واحدة كما في الإنسان والفقريات؛ وتتكون كل "عينية" من عدسة وقرنية وخلايا مستقبلة للضوء.
قام الباحثون برئاسة "ونجين وانج" –الأستاذ بقسم الهندسة الميكانيكية في جامعة "شيان جياوتونج" الصينية- بتطوير إستراتيجية جديدة لتحسين التجانس بين الهياكل المصنوعة، وكخطوة أولى عملوا على تجربة الليزر عبر طبقة مزدوجة من زجاج الأكريليك مع التركيز على الطبقة السفلى منها.
تسبَّب الليزر في انتفاخ الطبقة السفلى وتحويلها إلى ما يشبه القبة المحدبة، لذا قام الباحثون بتشكيل مجموعة من هذه العدسات الصغيرة التي يمكن أن تتقوس في شكل هيكلٍ منحنٍ لتخليق عين صناعية.
ومن خلال عدة خطوات، عمل الباحثون على تحفيز تشكيل هياكل بحجم النانو على سطح القباب الزجاجية المحدبة، التي تمنح العدسات متناهية الصغر -التي يقل قطرها عن ملليمتر واحد- خصائص مضادة للانعكاس وطاردة للمياه.
يقول "وانج"، في تصريحات لـ"للعلم": "إن تكلفة الإستراتيجية الجديدة فعالة ورخيصة مقارنة بالوسائل السابقة"، مضيفًا أن "الليزر يعتبر باهظ الثمن نسبيًّا، ولكن يمكن الاعتماد على مصدر الليزر لتصنيع مجموعات من العدسات متناهية الصغر. كما يمكن اللجوء إلى "الطباعة الحجرية" والانصهار الحراري وطرق أخرى لتصنيع هذه العدسات".
ويضيف "وانج" أن "هذه الدراسة تفتح المجال لأبحاث كثيرة، منها دراسة وقت التجمد للعديد من الواجهات، وتطوير قدرة الأجهزة متناهية الصغر على العمل في بيئة قاسية باستخدام خاصية منع التجمد، وكذلك تطوير "الروبوتات" التي تعمل تحت الماء، وتصنيع كميات كبيرة من الموجات الضوئية البصرية الموجودة في العين المركبة الطبيعية، بالإضافة الى الهيكل الثلاثي الخارجي".
ويوضح "وانج" أنه "من خلال الطريقة المقترحة، يمكن مضاعفة الهياكل المصنوعة نتيجة القدرة العالية على التكيف مع هذه الهياكل النانوية الحجم، وهو ما يسعى إليه الباحثون حاليًّا".